في تقرير استخباراتي نُشر اليوم، سُلّط الضوء على نشاطات الموساد وشين بيت و"أمان" خلال السنة الأخيرة، موضحًا كيف تحوّلت إسرائيل إلى واحدة من أكثر الدول استخدامًا للهجمات الوقائية في سياقها الإقليمي، ولكن دون أن تحقق كل أهدافها الاستراتيجية، خصوصًا تجاه البرنامج النووي الإيراني وقطاع غزة.
عمليات اغتيال نوعية ضد حزب الله وإيران
بحسب التقرير، نفّذت وحدات خاصة تابعة للموساد و"أمان" سلسلة من الضربات الدقيقة والاغتيالات المتقنة استهدفت شخصيات بارزة في كل من حزب الله والحرس الثوري الإيراني. تشمل هذه العمليات:
تصفيات ميدانية عبر طائرات مسيّرة في سوريا ولبنان والعراق.
اختراق شبكات أمنية وإعلامية داخل بيئات مغلقة.
تنفيذ حملات تشويش إلكتروني واختراق اتصالات مشفّرة استخدمها قادة ميدانيون تابعون لإيران وحزب الله.
هذه النجاحات الاستخباراتية، بحسب المصدر، قلّصت من القدرات الهجومية لبعض الخلايا، وأربكت خطوط التمويل والقيادة.
اختراقات سيبرانية واستهداف بنى تحتية
اللافت أيضًا أن الاستخبارات الإسرائيلية طورت أدوات هجومية إلكترونية متقدمة، تم استخدامها في:
اختراق خوادم حكومية وعسكرية إيرانية.
التسلل إلى منصات إعلامية ومواقع استراتيجية تديرها مجموعات مرتبطة بطهران.
تعطيل أنظمة دفاع جوي ونقل بيانات في جبهات حساسة.
كما كشفت التحقيقات عن أن إسرائيل زرعت برمجيات تجسسية متطورة في أنظمة اتصالات داخل دول محور المقاومة، مما مكّنها من قراءة تحرّكات الخصوم قبل حصولها.
الفشل في تحجيم البرنامج النووي الإيراني
ورغم هذه النجاحات العملياتية، إلا أن التقرير أشار إلى إخفاق بارز تمثل بعدم قدرة الأجهزة الإسرائيلية على إيقاف أو حتى تعطيل مسار تطوير القدرات النووية الإيرانية.
عمليات التخريب التي استهدفت منشآت "نطنز" و"أراك" وغيرها لم توقف التخصيب، بل دفعت إيران إلى تعميق إجراءاتها الأمنية وتطوير بدائل داخلية.
جهود الضغط عبر تحالفات غربية لم تؤدِ إلى تفاهم دولي جديد يُقيّد طموحات طهران النووية.
قطاع غزة: المعركة غير المكتملة
من جهة أخرى، فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في توقع هجوم 7 أكتوبر المفاجئ من قطاع غزة، رغم مراقبة مكثّفة وتحليق دائم للطائرات بدون طيار.
ورغم محاولات لاحقة لاستعادة المبادرة، فإن:
حماس ما زالت تحتفظ ببنية قيادة تحت الأرض يصعب تتبّعها.
الوسائل التقنية لم تتمكن من رصد حركة الأنفاق العسكرية بدقة.
الدعم الشعبي لحماس في غزة ازداد بفعل الضربات الإسرائيلية التي طالت المدنيين.
خلاصة وتحليل استراتيجي
يُظهر التقرير الأخير أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لا تزال تتمتع بقدرات عملياتية عالية في الاغتيال، التجسس، والاختراق السيبراني، إلا أن تركيزها على الضربات الاستباقية لم يُترجم إلى نصر استراتيجي دائم.
ففي ظل استمرار تهديدات إيران، ونهوض الحركات غير النظامية في غزة ولبنان، تبقى إسرائيل عالقة بين الإنجاز التكتيكي والإخفاق الجيوسياسي.